Slider

السيارات الكهربائية تقتحم الطرق وتعيد رسم خريطة النقل

الاتحاد الاماراتية

يشهد العالم تحولاً جذرياً في صناعة السيارات، حيث تبرز السيارات الكهربائية كقوة دافعة رئيسية تعيد رسم ملامح مستقبل النقل على كوكبنا. لم تعد هذه السيارات مجرد رؤية مستقبلية، بل أصبحت واقعاً

ملموساً يتوسع بسرعة، مدفوعة بالوعي البيئي المتزايد، والتقدم التكنولوجي المتسارع، والسياسات الحكومية الداعمة. وفي هذا السياق، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج رائد في منطقة الشرق الأوسط، حيث ترسخ مكانتها في مجال النقل المستدام من خلال مبادرات حكومية شاملة وشراكات استراتيجية طموحة.


وتشهد صناعة السيارات الكهربائية عالمياً تطورات هائلة في الإنتاج والاستخدام، مع تقنيات مبتكرة تحقق أثراً بيئياً إيجابياً وتواجه التحديات التي تصاحب هذا القطاع الواعد. كما تتطور مبيعات السيارات الكهربائية بشكل كبير، مسجلة تأثيراً اقتصادياً عميقاً على الأسواق العالمية.

طفرة عالمية في الإنتاج والمبيعات: أرقام قياسية ترسم المستقبل

شهد عام 2024 طفرة تاريخية في سوق السيارات الكهربائية، حيث تم بيع 17.1 مليون سيارة على مستوى العالم، مسجلاً نمواً بنسبة 25% مقارنة بعام 2023. هذا النمو المذهل يعكس تحولاً كبيراً في تفضيلات المستهلكين والشركات على حد سواء، مدفوعاً بالابتكارات التكنولوجية والحوافز الحكومية. وأكدت وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن إجمالي مبيعات السيارات الكهربائية وصل إلى 17.3 مليون وحدة في عام 2024، مما يؤكد على التسارع الكبير في وتيرة الإنتاج العالمي.


الإمارات.. ريادة إقليمية ونموذج للتحول المستدام

تترسخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كرائدة في مجال النقل المستدام في منطقة الشرق الأوسط، مدفوعةً بمبادرات حكومية شاملة وشراكات استراتيجية طموحة. ووفقاً لتقرير حديث لشركة "موردور إنتليجنس" لأبحاث السوق، يبلغ حجم سوق السيارات الهجينة والكهربائية في دولة الإمارات 11 مليار درهم (3.01 مليار دولار أمريكي) في عام 2025، مع توقعات بوصوله إلى 28.18 مليار درهم (7.68 مليار دولار أمريكي) بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 26.37% خلال الفترة (2025-2029).

يشهد قطاع النقل العام في الإمارات تحولاً ملحوظاً، مع إطلاق العديد من المبادرات التي تهدف إلى التحول إلى الكهرباء بأنظمة النقل الجماعي. ومن التطورات البارزة إعلان شركة "تيسلا" إدخال 200 مركبة كهربائية إلى قطاع سيارات الأجرة في دبي، بما يتماشى مع أهداف الحكومة المتعلقة بالتنقل الأخضر لعام 2030. كما يحقق قطاع السيارات الفاخرة الهجينة والكهربائية نمواً قوياً بشكل خاص، مما يعكس زيادة قاعدة المستهلكين الأثرياء في الإمارات وتفضيلهم لعروض السيارات الفاخرة الصديقة للبيئة.

وتعمل كبرى العلامات التجارية الفاخرة على توسيع محافظها من السيارات الكهربائية في الإمارات، حيث تقدم شركات مثل "أودي" و"بي إم دبليو" و"مرسيدس بنز" طرازات كهربائية جديدة، ويتماشى ذلك مع الرؤية الأوسع لدولة الإمارات المتمثلة في الجمع بين الابتكار التكنولوجي ومكانة السوق المتميزة.

شهدت دولة الإمارات خلال الفترة من 2022 إلى 2023 ارتفاعاً ملحوظاً في التحول نحو المركبات الكهربائية في مختلف القطاعات. ففي صناعة سيارات الركاب، قفز اعتماد النماذج الكهربائية من 2% في عام 2022 إلى 4% في عام 2023. كما شهدت المركبات التجارية الخفيفة قفزة أكبر حيث ارتفعت حصتها من 0.2% في عام 2022 إلى 1.09% في عام 2023، وشهدت فئة الشاحنات المتوسطة والثقيلة التي بدأت من 0% في عام 2022 ارتفاعاً طفيفاً إلى 0.10% في عام 2023. وشهدت الحافلات أيضاً ارتفاعاً ثابتاً، حيث ارتفع معدل "الكهربة" من 0.50% في عام 2022 إلى 1.96% في عام 2023.

ويُهيمن قطاع سيارات الركاب على سوق السيارات الهجينة والكهربائية في الإمارات مستحوذاً على حصة سوقية تُقارب 87% في عام 2024، ويُعزى هذا الحضور القوي في السوق إلى زيادة وعي المستهلكين بالاستدامة البيئية، والمبادرات الحكومية التي تُشجع على تبني السيارات الكهربائية، وتوسع شبكة البنية التحتية لشحن السيارات في جميع أنحاء الإمارات.

الصين تقود السباق العالمي


تواصل الصين ريادتها للسوق العالمي بقوة، حيث استحوذت على النصيب الأكبر من المبيعات والإنتاج. ففي عام 2024، بلغت مبيعات السيارات الكهربائية في الصين 11 مليون وحدة، وهو ما يمثل أكثر من نصف المبيعات العالمية. وفي شهر ديسمبر وحده، باعت الصين 1.3 مليون سيارة كهربائية، محققة نمواً سنوياً بنسبة 36.5%. هذا التفوق الصيني يعود إلى الدعم الحكومي القوي، والتقدم الكبير في تقنيات البطاريات، والقدرة على إنتاج سيارات بأسعار تنافسية.

أوروبا وأميركا الشمالية.. نمو مستمر وتحديات قائمة

في أوروبا، شهد السوق نمواً ملحوظاً، حيث تم بيع 0.31 مليون سيارة كهربائية في ديسمبر 2024، بنمو سنوي قدره 0.7%. والمفاجأة كانت تفوق بريطانيا على ألمانيا لتصبح أكبر سوق للسيارات الكهربائية في أوروبا لعام 2024. ومع ذلك، يواجه السوق الأوروبي تحديات، أبرزها إزالة الدعم الحكومي في بعض الدول مثل ألمانيا، مما أثر سلباً على المبيعات. أما في الولايات المتحدة وكندا، فقد ارتفعت المبيعات بنسبة 8.8% في ديسمبر 2024، لتصل إلى 0.19 مليون وحدة.

توقعات مستقبلية واعدة


تشير التوقعات إلى استمرار هذا النمو القوي في السنوات القادمة، وتتوقع BloombergNEF أن تصل مبيعات السيارات الكهربائية إلى 22 مليون وحدة في عام 2025، بنمو إضافي قدره 25%. وعلى المدى الطويل، من المتوقع أن تقفز المبيعات من 15.7 مليون وحدة في 2024 إلى 46.3 مليون وحدة بحلول عام 2035، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 10.3%. هذا النمو الهائل سيؤدي إلى زيادة الحصة السوقية للسيارات الكهربائية من أكثر من 20% في عام 2024 إلى مستويات أعلى بكثير في العقد القادم.

وعلى الصعيد الإقليمي، يُتوقع في عام 2030 تحقيق نمو ثابت وقوي في اعتماد المركبات الكهربائية في دولة الإمارات، حيث ستبلغ نسبة التحول إلى الكهرباء في سيارات الركاب 12% بحلول عام 2030، ومن المتوقع أن يصل قطاع المركبات التجارية الخفيفة إلى 6% بحلول عام 2030. وتشهد الإمارات تحولاً كبيراً نحو التنقل المستدام، مع توسع ملحوظ في بنيتها التحتية لشحن السيارات الكهربائية من عام 2022 وما بعده.

BYD تتصدر المشهد العالمي

في سباق الشركات، برزت شركة BYD الصينية كأكبر مصنع للسيارات الكهربائية في العالم لعام 2024، حيث باعت أكثر من 3.84 مليون سيارة، محققة نمواً سنوياً بنسبة 33.6%. هذا النجاح يعكس القدرة التنافسية العالية للشركات الصينية في هذا القطاع الحيوي.


الأثر البيئي الإيجابي.. نحو مستقبل أكثر استدامة


تعتبر السيارات الكهربائية حجر الزاوية في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ وتحسين جودة الهواء في المدن. فمن خلال استبدال محركات الاحتراق الداخلي بمحركات كهربائية، تساهم هذه السيارات في تقليل الانبعاثات الضارة بشكل كبير، مما يعود بالنفع على صحة الإنسان والبيئة على حد سواء. وفي هذا السياق، يؤكد دمج السيارات الكهربائية في الإمارات في وسائل النقل العام التزام الدولة بخفض انبعاثات الكربون مع الحفاظ على حلول تنقل حضري فعّالة.

وتظهر الدراسات أن السيارات الكهربائية تقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير طوال دورة حياتها، حتى مع الأخذ في الاعتبار انبعاثات تصنيع البطاريات وتوليد الكهرباء. ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، فإن السيارات الكهربائية تقلل انبعاثات الكربون بنسبة 65% مقارنة بالسيارات التي تعمل بالبنزين. وفي الولايات المتحدة، تساهم قيادة سيارة كهربائية في خفض تلوث ثاني أكسيد الكربون بنسبة الثلثين.

وأحد أبرز الفوائد البيئية للسيارات الكهربائية هو أنها لا تنتج أي انبعاثات من أنبوب العادم، مما يساهم في تحسين جودة الهواء بشكل مباشر في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان. هذا الأمر له تأثير إيجابي كبير على الصحة العامة، حيث يقلل من أمراض الجهاز التنفسي والحساسية المرتبطة بتلوث الهواء.

ومع تزايد الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في توليد الكهرباء، ستصبح السيارات الكهربائية أكثر صداقة للبيئة. فكلما أصبحت شبكات الكهرباء أكثر نظافة، كلما انخفضت البصمة الكربونية للسيارات الكهربائية بشكل أكبر، مما يعزز من دورها في تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.


تحديات بيئية قائمة وحلول مبتكرة


على الرغم من الفوائد البيئية الكبيرة، لا تزال هناك تحديات تتعلق بتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، والتي تتطلب استخراج معادن مثل الليثيوم والكوبالت. ومع ذلك، تعمل الشركات والمراكز البحثية على تطوير تقنيات جديدة لتقليل الاعتماد على هذه المعادن، بالإضافة إلى تحسين عمليات إعادة تدوير البطاريات لتقليل النفايات واستعادة المواد القيمة. وتشير الدراسات إلى أنه على الرغم من أن بناء السيارة الكهربائية يسبب ضرراً أكبر للمناخ في البداية، إلا أن هذا التأثير يتم تعويضه بالكامل خلال دورة حياة السيارة بفضل انخفاض انبعاثاتها التشغيلية.


التقنيات والابتكارات: ثورة في عالم البطاريات والشحن

يشهد قطاع السيارات الكهربائية ثورة تكنولوجية متسارعة، ترتكز بشكل أساسي على تطوير تقنيات البطاريات والشحن. هذه الابتكارات لا تهدف فقط إلى زيادة مدى السيارات وسرعة شحنها، بل تسعى أيضاً إلى خفض التكاليف وتحسين الأمان والاستدامة. وتواكب دولة الإمارات هذا التطور من خلال توسع ملحوظ في بنيتها التحتية لشحن السيارات الكهربائية، مما يدعم النمو المطرد في اعتماد المركبات الكهربائية خلال الفترة 2024-2030.

وتعتبر البطاريات قلب السيارة الكهربائية، وتشهد تطورات مذهلة ستغير قواعد اللعبة في السنوات القادمة. من أبرز هذه التقنيات:

البطاريات الصلبة (Solid-State Batteries): تعتبر هذه التقنية بمثابة الكأس المقدسة في عالم البطاريات. فمن خلال استبدال الإلكتروليت السائل بمادة صلبة، توفر هذه البطاريات كثافة طاقة أعلى، وعمراً أطول، وأماناً أكبر، بالإضافة إلى سرعة شحن فائقة. وتعمل شركات مثل تويوتا وجنرال موتورز على تطوير هذه التقنية الواعدة.

بطاريات الصوديوم-أيون (Sodium-Ion Batteries): تمثل هذه البطاريات بديلاً واعداً لبطاريات الليثيوم-أيون، حيث تعتمد على الصوديوم المتوفر بكثرة ورخيص الثمن. وقد أعلنت شركة CATL الصينية العملاقة عن بطاريتها الجديدة NAXTRA التي تعتمد على هذه التقنية، مما يبشر بسيارات كهربائية بأسعار معقولة في المستقبل القريب.

بطاريات الليثيوم-الكبريت (Lithium-Sulfur Batteries): تتميز هذه البطاريات بكثافة طاقة عالية جداً، مما يعني مدى أطول للسيارات الكهربائية. وعلى الرغم من وجود بعض التحديات التقنية، إلا أن الأبحاث مستمرة لتحسين أدائها واستقرارها.

الشحن السريع: وداعاً لقلق المدى

يعتبر وقت الشحن أحد أكبر التحديات التي تواجه انتشار السيارات الكهربائية. ولحسن الحظ، تشهد تقنيات الشحن تطورات مذهلة ستجعل عملية شحن السيارة الكهربائية سريعة ومريحة مثل تعبئة الوقود.

الشحن فائق السرعة (Ultra-Fast Charging): تعمل شركات مثل XPeng الصينية على تطوير محطات شحن فائقة السرعة يمكنها شحن السيارة بالكامل في غضون 10 دقائق فقط. وتخطط بكين لبناء شبكة واسعة من هذه المحطات، مما سيسهل على أصحاب السيارات الكهربائية السفر لمسافات طويلة دون قلق.

الشحن اللاسلكي (Wireless Charging): تخيل أن تشحن سيارتك بمجرد ركنها في مكان مخصص، دون الحاجة إلى أي كابلات. هذه هي رؤية الشحن اللاسلكي، التي تعمل عليها العديد من الشركات لجعل عملية الشحن أكثر سهولة وراحة.

الشحن أثناء القيادة (On-the-Go Charging): تعتبر هذه التقنية الأكثر طموحاً، حيث تهدف إلى شحن السيارات الكهربائية أثناء سيرها على طرق مخصصة. وعلى الرغم من أنها لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أنها تحمل إمكانات هائلة لحل مشكلة المدى بشكل نهائي.

بالإضافة إلى البطاريات والشحن، هناك العديد من الابتكارات الأخرى التي تساهم في تطوير السيارات الكهربائية، مثل:

تقنية V2G (Vehicle-to-Grid): تسمح هذه التقنية للسيارات الكهربائية بتخزين الطاقة وتزويد الشبكة بها عند الحاجة، مما يحولها إلى بطاريات متنقلة تساهم في استقرار شبكة الكهرباء.

المواد المتقدمة: تعمل الشركات على استخدام مواد خفيفة الوزن وقوية مثل ألياف الكربون والألمنيوم لتقليل وزن السيارة وزيادة كفاءتها.

الذكاء الاصطناعي: يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في تحسين أداء السيارات الكهربائية، من خلال إدارة استهلاك الطاقة، وتحسين أنظمة الملاحة، وتوفير تجربة قيادة أكثر أماناً وراحة.

نمو اقتصادي هائل واستثمارات ضخمة


لا يقتصر تأثير ثورة السيارات الكهربائية على قطاع النقل والبيئة فحسب، بل يمتد ليشمل الاقتصاد العالمي بأسره. فمن خلال خلق أسواق جديدة، وتحفيز الاستثمارات، وإعادة تشكيل سلاسل التوريد، تساهم السيارات الكهربائية في دفع عجلة النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.

يشهد سوق السيارات الكهربائية نمواً اقتصادياً هائلاً، حيث من المتوقع أن تصل قيمته إلى أكثر من تريليون دولار بحلول عام 2029. هذا النمو يجذب استثمارات ضخمة من الشركات والحكومات على حد سواء، والتي تتسابق للاستفادة من الفرص الواعدة التي يوفرها هذا القطاع. وفي الولايات المتحدة وحدها، حقق برنامج حوافز السيارات الكهربائية فوائد اقتصادية تقدر بـ 1.87 دولار لكل دولار تم إنفاقه في عام 2023.

وعلى الصعيد الإقليمي، يشهد قطاع السيارات الكهربائية في دولة الإمارات نمواً سريعاً، مدفوعاً بسياسات حكومية قوية وشراكات دولية واستثمارات كبيرة في التصنيع والبنية التحتية المحلية. ويحقق قطاع السيارات الفاخرة الهجينة والكهربائية نمواً قوياً بشكل خاص، مما يعكس زيادة قاعدة المستهلكين الأثرياء في الإمارات وتفضيلهم لعروض السيارات الفاخرة الصديقة للبيئة. وتعمل كبرى العلامات التجارية الفاخرة على توسيع محافظها من السيارات الكهربائية في الإمارات، حيث تقدم شركات مثل "أودي" و"بي إم دبليو" و"مرسيدس بنز" طرازات كهربائية جديدة، ويتماشى ذلك مع الرؤية الأوسع لدولة الإمارات المتمثلة في الجمع بين الابتكار التكنولوجي ومكانة السوق المتميزة.

كما يساهم قطاع السيارات الكهربائية في خلق الملايين من فرص العمل الجديدة في مختلف المجالات، بدءاً من البحث والتطوير والتصنيع، وصولاً إلى بناء وتشغيل البنية التحتية للشحن. هذه الوظائف لا تقتصر على الشركات المصنعة للسيارات، بل تمتد لتشمل قطاعات أخرى مثل صناعة البطاريات، وتطوير البرمجيات، وتوفير خدمات الطاقة.

إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية

تؤدي ثورة السيارات الكهربائية إلى إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية، حيث يزداد الطلب على المواد الخام مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل. هذا الأمر يخلق فرصاً جديدة للدول الغنية بهذه الموارد، ولكنه يطرح أيضاً تحديات تتعلق بضمان استدامة هذه الموارد وتجنب التقلبات في الأسعار. وتواجه صناعة البطاريات، التي من المتوقع أن تصل قيمتها إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2035، تحديات تتعلق بالتعريفات الجمركية على المواد الخام، مما قد يؤثر على تكلفة السيارات الكهربائية.

وتساهم السيارات الكهربائية في تعزيز التجارة الدولية، حيث تتنافس الدول والشركات على تصدير سياراتها وتقنياتها إلى الأسواق العالمية. وقد شهد الاتحاد الأوروبي نمواً في صادراته من السيارات الكهربائية بنسبة 9% في عام 2024، لتصل إلى حوالي 830,000 سيارة. هذا التنافس العالمي يساهم في تسريع وتيرة الابتكار وخفض الأسعار، مما يعود بالنفع على المستهلكين في جميع أنحاء العالم.

تحديات اقتصادية قائمة

على الرغم من الفرص الاقتصادية الكبيرة، لا تزال هناك تحديات تواجه قطاع السيارات الكهربائية، مثل تأثير التعريفات الجمركية على التجارة الدولية، وتقلبات أسعار المواد الخام، والحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية للشحن. ومع ذلك، فإن الفوائد الاقتصادية طويلة المدى لهذه الثورة تفوق بكثير التحديات الحالية، مما يجعلها استثماراً استراتيجياً لمستقبل أكثر استدامة وازدهاراً.

مستقبل السيارات الكهربائية والاستدامة

تتضح مكانة السيارات الكهربائية ليس مجرد موضة عابرة، بل هي ثورة حقيقية تعيد تشكيل عالمنا بطرق لم نكن نتخيلها. فمن خلال تسريع التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، وخلق فرص اقتصادية جديدة، وتحسين جودة الحياة، تفتح السيارات الكهربائية الباب أمام مستقبل أكثر استدامة وازدهاراً للجميع. وتقدم دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً يُحتذى به في المنطقة، حيث تجمع بين الرؤية الاستراتيجية والاستثمارات الذكية والشراكات الدولية لتصبح مركزاً عالمياً للتنقل المستدام. وعلى الرغم من التحديات القائمة، فإن الابتكارات المتسارعة والالتزام العالمي القوي، إلى جانب التجربة الإماراتية المتطورة في دمج المركبات الكهربائية ضمن النقل العام وتوسيع البنية التحتية،يجعلنا على ثقة بأن المستقبل سيكون كهربائياً بامتياز.

إسلام العبادي(أبوظبي)


طباعة   البريد الإلكتروني