الإمارات | إقتصاد

7 حقائق عن معاملة الوفاء الجزئي للشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد
الإتحاد الإماراتية الإمارات
الاتحاد الاماراتية
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
يعتقد كثير من الأفراد أن الشيك يضمن تحصيلاً فورياً للقيمة بالكامل، ولكن يتفاجأ البعض عند تقديم الشيك للبنك للصرف، بوجود رصيد جزئي فقط متوافر من قيمة الشيك
الذي بحوزتهم، ما يثير تساؤلات لدى حائز الشيك، مثل إمكانية صرف جزء من قيمة الشيك ما يعرف بـ «الوفاء الجزئي»؟ وهل من مصلحة حائز الشيك ذلك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ وماهي الإجراءات التي سيقوم بها البنك ومقدار الرسوم التي سيحصل عليها البنك في حالة طلب الوفاء الجزئي للشيك؟ ثم ما هو الوضع القانوني بعد ذلك من حيث إمكانية المطالبة بالمبلغ المتبقي من رصيد الشيك بعد الحصول على دفعه جزئية من قيمته؟ وهل يمكن في تلك الحالة استرداد الشيك الأصلي بعد معاملة الوفاء الجزئي للشيك؟ وماهي أحقية حائز الشيك في الرجوع قانوناً على محرر الشيك لعدم وجود رصيد كافٍ؟
بداية يعرِّف المصرف المركزي، الوفاء الجزئي للشيك بأنه الوفاء بجزء من قيمة الشيك، وبالتالي يتم إبراء ذمة الساحب وجميع المظهرين والضامنين الاحتياطيين «إن وُجدوا»، إبراءً جزئياً، حيث لم يشترط القانون في دولة الإمارات للوفاء بقيمة الشيك أن يكون مقابل الوفاء الموجود لدى البنك المسحوب عليه مساوياً لمبلغ الشيك.
الوفاء الجزئي
وحسب إفادات بنوك محلية لـ «الاتحاد»، فإن البنوك العاملة في الدولة تسمح بتنفيذ معاملات «الوفاء الجزئي» للشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد، تماشياً مع التعليمات الصادرة من المصرف المركزي، وبحيث يمكن للمستفيد/المستفيدين أو حامل الشيك التوجه مباشرة إلى البنك المُصدر للشيك والمطالبة بتنفيذ معاملة الوفاء الجزئي لحد الرصيد المتوافر.
وقالت البنوك إن البنك المُصدر سيقوم بالدفع للمستفيد عند إتمام كل عملية دفع جزئية، مع الختم على ظهر الشيك الأصلي لتأكيد تنفيذ الوفاء الجزئي، موضحة أنه يتم إرجاع الشيك الأصلي إلى المستفيد/المستفيدين أو لحامله مع شهادة الوفاء الجزئي للشيك التي تتضمن التفاصيل التالية لمُحرر الشيك وهي رقم هوية مُحرر الشيك، رقم «IBAN» مُحرر الشيك، رقم هاتف مُحرر الشيك، العنوان الكامل لمُحرر الشيك.
وأشارت البنوك إلى أنه يحق لحامل الشيك المطالبة بالمبلغ المتبقي حتى يتم دفع القيمة الكاملة للشيك أو يصبح غير صالح للتحصيل، أي بعد 180 يوماً من تاريخ الشيك، منبهة إلى أن المستفيد بالشيك لا يفقد الحق بالرجوع إلى القانون ضد مُحرر الشيك في حالة عدم سداد مبلغ الشيك بالكامل، وذلك حتى بعد الحصول على دفعة جزئية.
وأفادت البنوك بأن المصرف المركزي، أجاز لحامل الشيك قبول الوفاء بجزء من قيمة الشيك وتأجيل الباقي إذا رأى أن ذلك في مصلحته «إذا كانت حالة محرر الشيك المالية سيئة»، وأن من مصلحته إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الدين، حيث إن حامل الشيك غير ملزم بقبول الوفاء الجزئي، إذ يُخيّر بين قبول الوفاء الجزئي لحقّه أو رفض الوفاء والرجوع إلى الساحب بكامل مبلغ الشيك، إلا أنه إذا قبل الوفاء الجزئي فليس للبنك المسحوب عليه الامتناع عن ذلك وللحامل أن يطلب من المسحوب عليه التأشير على ظهر الشيك بالوفاء الجزئي، وأن يعطيه الأخير أصل الشيك وشهادة بذلك.
وأوضحت البنوك أنها يمكنها تنفيذ معاملات الوفاء الجزئي للشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد الصادرة «عن البنك فقط»، وفيما يخص الشيكات الصادرة من بنوك أخرى، يجب على المستفيد زيارة البنك المُصدر للشيك لتنفيذ الوفاء الجزئي، لافتة إلى أن تنفيذ معاملة الوفاء الجزئي للشيكات يتم من خلال التوجه مباشرة إلى كاونتر الصرّاف في الفرع الرئيسي للبنك فقط، مع ضرورة إحضار المستندات التالية لتنفيذ معاملة الوفاء الجزئي وهي الشيك المرتجع «النسخة الأصلية»، أصل بطاقة الهوية الإماراتية/جواز السفر، مع استيفاء رسوم إدارية قدرها 5 دراهم «باستثناء 5% ضريبة القيمة المضافة» من مُحرر الشيك لكل معاملة وفاء جزئي.
المنظومة القانونية
ومن جهته، قال عمار أنيس، الاستشاري القانوني، إن موضوع «الوفاء الجزئي للشيك»، شكل أحد أبرز الإشكاليات التي طُرحت على طاولة النقاش المصرفي والقانوني خلال السنوات الماضية، لا سيما في ظل زيادة الاعتماد على الشيكات كأداة دفع، مقابل تزايد حالات عدم كفاية الرصيد وقت التقديم للصرف.
وقال إن بعض الدول تلزم البنوك بصرف الجزء المتاح من قيمة الشيك، حماية لحقوق الدائن، فيما تمنح تشريعات أخرى الخيار لحامل الشيك في قبول أو رفض هذا الوفاء الجزئي، وفي الحالتين تبقى المسألة مرتبطة بثقة الأطراف بالنظام المصرفي، وقدرته على التوفيق بين النص القانوني والواقع العملي.
وأضاف أن أهمية هذا النقاش لا تقتصر على البعد القانوني فقط، بل تتعداه إلى تأثير مباشر على المعاملات التجارية، خصوصاً فيما يتعلق بتقليل النزاعات التجارية، وتخفيف الضغط على المحاكم، وتعزيز الثقة في الشيك كأداة وفاء، مؤكداً أن تطبيق مبدأ «الوفاء الجزئي» يفتح المجال أمام حلول مرنة تعالج مواقف معقدة، خاصة في حالات التعثر المؤقت.وأشار أنيس، إلى أن المشرّع الإماراتي واكب هذه التحديات، بإجراء تعديلات نوعية على قانون المعاملات التجارية، ففي المرسوم بقانون اتحادي رقم (14) لسنة 2020، ثم في القانون الاتحادي رقم (50) لسنة 2022، تم إدراج نصوص واضحة تعالج هذه المسألة بشكل مباشر، حيث أصبحت المادة (648) من القانون الجديد تنظم الوفاء الجزئي وتزيل الغموض الذي كان يكتنف النصوص السابقة، وهذه خطوة تشريعية مهمة تؤكد مرونة وتطور المنظومة القانونية في الدولة، منبهاً إلى وجود حاجة مستمرة لتوعية المتعاملين بحقوقهم وواجباتهم، وتفعيل دور القطاع المصرفي في تسهيل تنفيذ الأحكام الجديدة، بما يحقق التوازن المطلوب بين حماية حقوق حاملي الشيكات وضمان استقرار النظام المالي للدولة.
بدائل أفضل
ويرى حسين القمزي، الخبير المالي الاقتصادي، الرئيس التنفيذي السابق لـ «نور بنك» و«نور تكافل»، إن التكنولوجيا الحديثة تضع حلولاً دائمة للمسائل المالية والمصرفية كافة، حيث أصبحت الشيكات الورقية في مواجهة غير مسبوقة مع التكنولوجيا الحديثة.
وشرح ذلك بالقول إنه على الرغم من أن الشيكات المصرفية كانت وسيلة رئيسية للدفع لعقود طويلة حتى إنها كانت تمثل 85% من جميع المدفوعات غير النقدية في الثمانينيات، إلا أن استخدامها قد شهد تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، لتمثل اليوم 0.01% من إجمالي المدفوعات على المستوى العالمي.
وأضاف أن التكنولوجيا الحديثة قدّمت بدائل أسرع وأكثر أماناً وكفاءة، بحيث تتم المدفوعات الإلكترونية بلمسة زر، وتعتبر أكثر أماناً وأسرع مقارنة بالشيكات الورقية التي تستغرق أياماً للتصفية، منوهاً بأن الاتجاه العام يشير إلى تحول لا رجعة فيه نحو المدفوعات الرقمية، خاصة أن الحكومات والبنوك تدفع نحو التخلص التدريجي من الشيكات، مع خطط لإلغاء الشيكات الشخصية بحلول عام 2027.