فلسطين | إقتصاد
مؤسسات تغلق أبوابها وتسريح جماعي للموظفين في الضفة بسبب وقف التمويل الأميركي
الاقتصادي فلسطين
اقتصاد فلسطين
الاقتصادي- فراس الطويل- منذ إعلان قرار وقف المساعدات الأميركية، بدأت عدة مؤسسات فلسطينية تعتمد على التمويل الأميركي بإغلاق أبوابها، بينما اضطرت مؤسسات أخرى إلى تقليص أنشطتها وتسريح عدد كبير من موظفيها، في ظل غياب بدائل تمويلية تغطي الفجوة المالية التي خلّفها القرار.
أحد الموظفين المتضررين، الذي كان يعمل في مؤسسة تنموية في رام الله، قال لموقع الاقتصادي: "وصلتنا قرارات إنهاء عقود بشكل مفاجئ، المؤسسة لم يعد لديها تمويل للاستمرار، وعشرات الموظفين وجدوا أنفسهم بلا عمل بين ليلة وضحاها".
وتُعد هذه المساعدات جزءًا من برامج دعم متنوعة كانت تمولها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ومؤسسات أميركية أخرى، تشمل مشاريع في قطاعات الصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية، لكن القرار الأميركي الأخير أوقفها بالكامل.
وفق وثيقة اطلع عليها "الاقتصادي" فإن قيمة مشاريع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الضفة الغربية وقطاع غزة بلغت نحو 714 مليون دولار، ينتهي بعضها في عام 2029. وعقب القرار الجديد فإن هذه البرامج أوقفت جميعها، وبالتالي فإن عشرات الموظفين العاملين في هذه المشاريع بشكل مباشر وكذلك بشكل غير مباشر سيكونون عرضة للتأثر بالقرار.
وبحسب الوثيقة، فإن المشاريع تتركز في قطاعات مختلفة، منها: التعافي الاقتصادي والنمو، وتمكين الشباب، والديمقراطية والحكم، والمياه والصرف الصحي، والفئات الضعيفة.
تفاصيل القرار الأميركي
عقب وصوله للبيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير، أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتجميد المساعدات الأميركية الخارجية التي تمولها عادة وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو أس إيد)، مدة 90 يوماً "للتقييم"، ولتحديد ما إذا كان ينبغي الإبقاء عليها أو تعديلها أو إلغاؤها.
عقب ذلك، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية قراراً بوقف جميع المساعدات الخارجية الحالية تقريباً وإيقاف المساعدات الجديدة، وفقاً لمذكرة داخلية أرسلت إلى المسؤولين والسفارات الأمريكية في الخارج.
ويأتي هذا القرار المسرب في أعقاب الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بوقف مؤقت لمدة 90 يوماً، للمساعدات الإنمائية الخارجية في انتظار مراجعة الكفاءة والاتساق مع سياسته الخارجية.
وتعد الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات الدولية في العالم، إذ أنفقت 68 مليار دولار في عام 2023 وفقاً لأرقام حكومية خارجية. ويبدو أن قرار وزارة الخارجية سيؤثر على أغلب المساعدات بجميع أنواعها خصوصاً الإنمائي والعسكري منها.
ويستثني من ذلك المساعدات الغذائية الطارئة والتمويل العسكري لإسرائيل ومصر. وقد أكدت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي محتويات المذكرة المسربة.
وتقول المذكرة للموظفين: "لن يتم تخصيص أموال جديدة لمنح ومساعدات جديدة أو تمديدات المنح والمساعدات القائمة حتى تتم مراجعة كل منحة أو الموافقة على مقترح تمديد جديد للمنح القائمة".
وتظهر البيانات الصادرة عن خدمة أبحاث الكونغرس التابعة للكونغرس الأميركي، أن الولايات المتحدة قدمت أكثر من 5 مليارات دولار من المساعدات للفلسطينيين منذ عام 1994.
وقبل ذلك التاريخ، كانت المساعدات الأمريكية لفلسطين غالبا ما تقدم عبر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وتظهر بيانات المركز ذاته أنه منذ عام 1950، تخطى إجمالي المساعدات الأمريكية للفلسطينيين من خلال الأونروا 6 مليارات دولار، ليصل المجموع إلى 11 مليار دولار.
عبء إضافي على اقتصادٍ يعاني
يأتي وقف المساعدات الأميركية في وقت يواجه فيه الاقتصاد الفلسطيني أزمة غير مسبوقة، إذ تواصل إسرائيل احتجاز أموال المقاصة التي تشكل المصدر الأساسي لإيرادات الحكومة الفلسطينية، مما أدى إلى عجز في دفع رواتب الموظفين الحكوميين، وتفاقم الأزمة المالية العامة.
كما أن منع العمال الفلسطينيين من الوصول إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر زاد من تعقيد المشهد الاقتصادي، حيث يعتمد أكثر من 150 ألف عامل فلسطيني على دخلهم من العمل داخل إسرائيل، ومع توقفهم عن العمل، تضررت آلاف الأسر الفلسطينية التي كانت تعتمد على هذا الدخل.
ومع استمرار الأزمات المتراكمة، يبقى الاقتصاد الفلسطيني أمام مستقبل غامض، حيث تتزايد معدلات البطالة، ويزداد الضغط على القطاع الخاص لاستيعاب الموظفين المسرّحين، بينما يعاني السوق المحلي من تراجع القوة الشرائية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
ويحذر اقتصاديون من أن استمرار هذه الأوضاع قد يؤدي إلى مزيد من التدهور الاقتصادي والاجتماعي، ما لم يتم إيجاد حلول سريعة لوقف نزيف الخسائر وتعويض التمويل المفقود، سواء عبر دعم عربي ودولي، أو من خلال سياسات اقتصادية قادرة على تعزيز الصمود في وجه التحديات الحالية.
تفاصيل الخبر في : اقتصاد فلسطين