محررو الإستثمار
التحديات كبيرة تحتاج إلى إرادة حقيقية للتغيير والإصلاح
وحيد الفودعي
كم كنت أتمنى أن أكرس جل اهتمامي بتحليل الإجراءات والتدابير الاقتصادية الحكومية التي خُططت لها وشرعت بتنفيذها، ودراسة أثرها على الاقتصاد والعملة الوطنية سلباً أو إيجاباً، بدلاً من الانشغال بالنقد المستمر للأداء الركيك وغير المرضي، لقد كان الأمل معقوداً على رؤية خطوات عملية تُحدث فرقاً ملموساً في الواقع الاقتصادي، وتساهم في تحسين معيشة المواطن الذي أنهكته الأزمات المتتالية.
صحيح أن التحديات والعراقيل كبيرة أمام الحكومة الشرعية، وأنها تعمل في بيئة معقدة ومليئة بالتحديات الداخلية والخارجية، ولكن لا يمكن إغفال أن أحد المعوقات الرئيسة هو الحكومة نفسها، كان من المفترض أن تتجاوز هذه العقبات، وأن تتعامل معها بمسؤولية وشفافية، وأن تكف عن التذرع بالعراقيل لتبرير ضعف الأداء.
الحكومة لا تحتاج لمزيد من الأعذار، بل إلى إرادة حقيقية للتغيير والإصلاح، عليها أن تمتلك الشجاعة لمواجهة الواقع، وإما أن تكاشف شعبها بحقيقة الأوضاع وما يعترض طريقها من تحديات، أو تتحلى بالنزاهة والشجاعة الكافية لتقديم استقالتها وفتح المجال لقيادة قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة.
هل هناك صعوبة في إعداد برنامج اقتصادي شامل للدولة؟ هل توجد عراقيل حقيقية تمنع ذلك؟ وإذا كانت موجودة، فلماذا لا يتم الإفصاح عنها بوضوح؟ ماذا عن السياسة الاقتصادية الكلية، والموازنة العامة للدولة التي تعد الوجه الآخر للسياسة المالية؟ ما الذي يعيق إعدادها وإعلانها للمواطنين؟
إن التحديات والصعوبات، مهما كانت معقدة، لا يمكن أن تكون عائقاً أمام إعداد السياسات الاقتصادية والخطط التنموية، كل الدول تواجه صعوبات، لكن الحكومات الفاعلة هي تلك التي تتجاوز العقبات بإرادة صلبة ورؤية واضحة.
وماذا عن إعادة تشكيل المجلس الاقتصادي؟ ألا يستحق الوضع الراهن أن يُعاد النظر في تركيبته ومهامه ليكون أكثر فعالية في رسم السياسات الاقتصادية وإنقاذ العملة الوطنية من الانهيار المستمر؟
ألا تحتاج البلاد إلى غرفة عمليات اقتصادية تضم مختلف جهات الاختصاص؟ غرفة تمتلك القدرة على التحليل والتخطيط السريع واتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب؟
تلك الأسئلة ليست للتشكيك أو الانتقاد، ولكنها دعوة للتفكير العميق والمساءلة البناءة، لا أرغب في الاستمرار في دائرة الانتقاد، بل أتطلع بصدق لدعم الحكومة، للكتابة عن إنجازاتها ومحاولاتها الصادقة في معالجة الأوضاع الاقتصادية. أرغب في تسليط الضوء على الجهود التي تُبذل لمواجهة الأزمات، وعلى الخطوات الإيجابية التي تحققت.
أرغب وبشدة في أن أرى حكومة قادرة على اتخاذ القرارات الصائبة، حكومة تتحمل مسؤولياتها بكل شجاعة، حكومة تُعيد للمواطن الثقة، وتضع الاقتصاد على طريق التعافي والنمو.
أرغب في أن أكون صوتاً داعماً للتغيير الإيجابي، داعماً للإنجازات الحقيقية، ومُشجعاً لكل محاولة صادقة للإصلاح.