محررو الإستثمار

المهندس أحمد عبدالله يماني التميمي..

رئيس هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية....

نأمل أن تمتلك الدول الأعضاء في المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتقييس والتعدين القدرة على توريد وإنتاج خاماتها المعدنية الحرجة، وبالتالي تقليل اعتمادها على استيراد هذه الخامات، وذلك لضمان مواكبة التطور المستقبلي. لتحقيق ذلك، يجب دراسة التكامل الرأسي (vertical integration) لكل خامة معدنية، سواء كانت عادية أو حرجة، دراسة جيدة جداً. هذا التكامل يشكل قيمة مضافة كبيرة لاقتصاد كل دولة عضو في المنظمة، حيث يُسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية.

أهمية التكامل الرأسي وتأمين المواد الحرجة

يمثل التكامل الرأسي بين جميع مراحل استخراج وتصنيع المواد الخام قيمة استراتيجية لأي اقتصاد. فمع أهمية تأمين توريد وإنتاج هذه المواد، يجب ألا يكون هناك أي تأثير على الأمن القومي للدول. لذا، يجب على كل دولة أن تضمن استقرار توريد هذه الخامات، مع مراعاة تأثيرها على الصناعات الحيوية والمستقبلية.

لضمان مواكبة التطور التكنولوجي والتقنيات الحديثة، من الضروري تسهيل إجراءات الوصول إلى المناطق التي تحتوي على هذه الخامات المعدنية. يشمل ذلك توفير برامج استكشاف دقيقة لكل خامة معدنية بمواصفاتها الخاصة، حيث لا يكفي الاكتفاء باستخراج الخامات وتصديرها كمواد طبيعية، بل يجب النظر في كيفية استخدامها فورًا في الصناعات النهائية لتحقيق قيمة اقتصادية مضافة.

تطوير الصناعات من خلال معالجة المواد الخام

يجب على جميع الدول الأعضاء في المنظمة أن تتكاتف لخلق قطاع معالجة وسيط، يعمل على إنتاج خامات صناعية وسيطة تدخل في الصناعات النهائية. هذا التكامل الصناعي سيزيد من حجم العمالة الماهرة، ويعزز الاقتصاد الوطني. وهذا يتطلب وضع خطة استراتيجية شاملة تشمل جميع الخامات المعدنية، سواء كانت أساسية أو حرجة، لضمان استغلالها بفعالية ضمن الصناعات المحلية.

الاستغلال التجاري للخامات وتحفيز التنفيذ

حاليًا، تعمل المنظمة العربية للتقييس والتعدين على تحفيز الدول الأعضاء للتحرر من الاكتفاء بالأفكار النظرية والبدء في التنفيذ الفعلي لاستغلال الخامات المعدنية وتحويلها إلى منتجات نهائية ذات قيمة تجارية عالية.

 وقمنا في هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية في اليمن على  إعداد قائمة خاصة  من الخامات الحرجة والمعادن الأساسية لكي يتم الترويج لها من خلال المنصة العربية لمعادن المستقبل https://arabpfm.org ، وقد قمنا في الهيئة  بالتركيز على معادن الحرجة وكثفنا الدراسات الأولية لها معتمدين على الدراسات التي أجريت في السابق من قبل الهيئة أو الشركات الأجنبية. وستكون  هذه القوائم جزءًا من الاستراتيجية الوطنية للتعدين في اليمن ، ويتم التواصل والتنسيق مع المنظمة وتعديلها  وتحديثها دوريًا وفقًا لظروف السوق والاحتياج العالمي .

تعزيز الصناعات الوطنية وتحقيق التكامل الصناعي

يجب أن تسعى الدول الأعضاء إلى الوصول إلى منتجات نهائية رئيسية مثل البطاريات، الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، العلاج الإشعاعي، الإلكترونيات، ومنتجات السبائك، ولا ينبغي أن ننسى أهمية تطوير الصناعات القديمة التي تعود إلى الستينيات والسبعينيات بجانب الصناعات الحديثة، حيث تشكل هذه الصناعات جزءًا مهمًا من اقتصاديات الدول.

إحدى أهم المؤشرات التي تقيس تطور الدول هي قدرتها على تكرير ومعالجة وتصنيع المواد المستخدمة في البطاريات والخامات الحرجة. إن معالجة هذه الخامات من حالتها الأولية إلى حالتها النهائية يتطلب حوالي سبع سنوات من الجهد والمعرفة المضافة، ما يعني أن البدء في هذا المجال يجب أن يكون على الفور.

تحديات وفرص العمل الاستكشافي

رغم بعض التحديات التي تواجه دولنا، مثل قلة العمل الاستكشافي الحديث، إلا أن الموارد البشرية المتوفرة والتركيبات الجيولوجية الجيدة تشكلان ميزة كبيرة. لذا، يجب التركيز على تسريع العمليات الاستكشافية وإدخال تقنيات حديثة لاكتشاف وتطوير هذه الخامات المعدنية الحرجة.

ضرورة توحيد اللوائح والتشريعات

أحد العوائق التي تواجه العمل الصناعي هو اختلاف اللوائح بين الدول الأعضاء. لذلك، من الضروري أن يجتمع أعضاء المنظمة للاتفاق على صياغة لائحة موحدة تشمل المبادئ الأساسية التي تضمن تحقيق التكامل الصناعي وتسهيل العمل المشترك. توحيد اللوائح سيعزز من فعالية الاستغلال الأمثل للخامات المعدنية، ويزيد من تنافسية الدول الأعضاء على المستوى العالمي.

وفي الاخير تذكروا بأن تأمين الخامات المعدنية الحرجة وتطوير صناعات متكاملة تعتمد على التكامل الرأسي يعد خطوة محورية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الصناعي والتكنولوجي في الدول العربية. وبالتعاون المشترك وتوحيد الجهود، يمكن لهذه الدول أن تعزز من قدرتها التنافسية العالمية وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.