Slider

معاناة مرضى الفشل الكلوي دون حلول او اهتمام من الجهات المعنية او المنظمات الدولية

سعيد الشرعبي

يزدحم مركز غسيل الكلى في هيئة مستشفى الثورة في صنعاء بالكثير من مرضى الفشل الكلوي و مرضى زارعي الكلى معاناة مقترنة بالألم اوجاعهم حبيسة اجسادهم وانينهم لا يسمعه العالم من حولهم تارة يستغيثون واخرى يستنجدون فلا جهات اهتمت بحالهم ولا إغاثة عرفت الطريق اليهم ولانجدة وصلتهم، الموت يهددهم على مرأى ومسمع الجميع.
حاولوا ايصال رسالتهم عبر وقفات احتجاجية عدة كانت آخرها الشهر الماضي أمام منظمة الصحة العالمية بصنعاء، رفعوا خلالها يافطات تطالب المنظمات الدولية ذات العلاقة بتوفير العلاجات والمحاليل المناسبة للغسيل الكلوي.

نقص الإمدادات

ويعد مركز غسيل الكلى في هيئة مستشفى الثورة، واحداً من 18 مركزاً في اليمن تكافح من أجل الاستمرار في العمل، في وقت تذهب فيه تقارير محلية ودولية إلى أن هناك أكثر من 5000 مريض يمني بالفشل الكلوي يواجهون خطر الموت في ظل التدهور المريع للنظام الصحي في البلاد.
وأوضح الدكتور عبد اللطيف ابو طالب رئيس هيئة مستشفى الثورة أن قسم مرضى الكلى في المستشفى يستوعب أكثر من 500 مريض يحتاجون إلى جلسات غسيل، وباتت حياتهم في خطر بعد تراجع مدة الغسل الكلوي بسبب قلة المحاليل أو نفادها بشكل كامل أحياناً .. مؤكداً أن المركز يجري ما لا يقل عن 180 حالة غسيل يومياً بمعدل غسلتين أسبوعياً لكل مريض، رغم أن الغسلة الواحدة للمريض يجب أن تكون 4 ساعات ولكن مع قلة المواد اضطرت إدارة المركز إلى تخفيض المدة ثلاث ساعات وهذا سبب مضاعفات للمرضى.
ويقول الدكتور مجاهد البطاحي، رئيس قسم أمراض وزراعة الكلى في هيئة مستشفى الثورة في صنعاء، ان المركز يستقبل 200 حالة غسيل كلى يوميا،
يشرح البطاحي، فيما كان يتنقل بين غرف المركز الذي يعج بعشرات المرضى الذين ينتظرون دورهم للحصول على جلسات الغسيل الكلوي.
وأضاف في تصريح صحفي أن المرضى تتفاقم حالاتهم المرضية مع مرور الوقت.
وقال بأن بعض الحالات توفيت بسبب إنعدام العلاجات والمحاليل المشتراه حديثاً من شركات محلية غير معروفة غير الشركة المتعاقد معها لتوريد الأجهزة و المحاليل و المستلزمات و المرسى عليها بموجب المناقصة ، حيث أن المحاليل و المستلزمات غير المطابقة للمواصفات عند عمل جلسات الغسيل تحدث تجلطات للدم في الفلاتر و الموصلات الخاصة بالغسيل مما يسبب إلى فقدان المريض كمية كبيرة من الدم و قد يضطر العاملين إلى نقل المريض إلى العناية المركزة في حين أن مريض الفشل الكلوي يعاني أصلاً من فقر الدم المزمن بسبب المرض و هذا يعرض المريض إلى إجراء عمليات نقل الدم إنقاذاً لحياة المرضى.
وأكد أن” النقص المستمر في الأدوية والمحاليل الطبية الخاصة بمرض الفشل الكلوي يعرض حياة المرضى للخطر.

ومع ذلك فإن مشاكل مرضى الفشل الكلوي لا تنحصر فقط في نقص المواد والمحاليل الطبية، بل أيضا في تكاليف الأدوية التي يتوجب عليهم شراؤها من الصيدليات الخاصة بأسعار باهظة تفوق قدراتهم الشرائية التي تراجعت بشكل مأساوي مع استمرار تصاعد النزاع الذي قذف بأكثر من 80 في المئة من السكان إلى دائرة الجوع والمرض.

ويعاني مركز غسيل الكلى في هيئة مستشفى الثورة من تعثر الميزانية التشغيلية لضمان بقاء أبوابها مفتوحة لمنع الموت البطي لهؤلاء المرضى. ويحتوي المركز على أجهزة تعمل على مدار الساعة بسبب زيادة المرضى وتفاقم عددهم من جميع أنحاء اليمن، حيث إنتقل معظمهم لهيئة مسشتفى الثورة العام بصنعاء لتلقي الغسلات المقررة لهم دون إنقطاع.
وتؤكد تقارير الأمم المتحدة أن ثلاث سنوات من الصراع المتصاعد أدت إلى تحويل اليمن إلى أسوأ أزمة إنسانية من صنع البشر في عصرنا هذا ، حيث يحتاج ثلاثة أرباع السكان أي 22.2 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية بما في ذلك 11.3 مليون شخص يحتاجون بشدة إلى مساعدات عاجلة للبقاء على قيد الحياة.
وأعلنت مستشفيات يمنية، في وقت سابق من الشهر الحالي توقف وحدات غسيل الكلى عن العمل في مقدمتها هيئة مستشفى الثورة إب و هيئة مستشفى الثورة بتعز و هيئة مستشفى ذمار العام و هيئة مستشفى الثورة الحديدة وعدد من المشافي الأخرى

قصص معاناة

قصة جمال
مثل شخص محكوم عليه بالإعدام تناول للتو "وجبته الأخيرة"، يشعر جمال العماري أن ساعاته في الدنيا باتت معحدودة مع عدم يقينه في الحصول على جلسة غسيل كلوي جديدة، بسبب النقص الحاد في المواد الطبية الذي يهدد حياة الكثير من المرضى.
لم يعد جمال، 30 عاما، المريض بالفشل الكلوي ينتظر دوره في الحصول على جلسة للغسيل الكلوي، بقدر ما ينتظر دوره في الموت، كما يقول.
"أنا في حالة نفسية صعبة، أنتظر الموت في أي لحظة"، يقول الشاب الذي يعاني أيضا من مشاكل صحية في القلب، بينما يقف في باحة مستشفى الثورة العام في العاصمة صنعاء، إلى جانب عشرات المرضى الذين يترددون على مركز أمراض وزراعة الكلى لإجراء جلستي غسيل في الأسبوع.

قصة محمد راشد
اما محمد راشد الذي يعاني من الفشل الكلوي، بالإضافة إلى إصابة في ساقه أثناء هروبه من الحرب في الحديدة: " كنا نعاني من صعوبة الحصول على العلاج حتى قبل اشتداد الحرب في الحديدة،
يضطر محمد راشد للذهاب إلى مستشفى الجمهوري في صنعاء سيراً على الأقدام لمدة ساعتين حتى يصل لتلقي جلسات الغسيل الكلوي، لأنه بسهولة لا يستطيع تحمل تكاليف المواصلات.
وبسبب إصابته بالفشل الكلوي، انتقل محمد، 28 عاماً، من الحديدة إلى صنعاء بعد إغلاق مركز غسيل الكلى في الحديدة بسبب النزاع المستمر في المدينة: "لم يعد باستطاعتي المشي، ولكن يجب أن أذهب إلى المستشفى فلم أعد أحتمل الألم أكثر من ذلك".

قصة سعود

تُسافر سعود العزاني إلى صنعاء خصيصاً لتلقي جلسات غسيل الكلى في هيئة مستشفى الثورة بصنعاء. وتقول: "السفر إلى صنعاء أسبوعياً لتلقي العلاج مرهق للغاية ويزيد من وجعي، لكن ليس لدينا خيار آخر فنحن لا نستطيع تحمل نفقات المعيشة المكلفة في صنعاء".
وتوضح: "لا أستطيع وصف مدى صعوبة الانتظار لتلقي جلسة الغسيل، فبالكاد أتحمل ألم المرض، أما الانتظار لساعات طويلة فهو فوق طاقتي".
المعاناة التي يمر بها مرضى الفشل الكلوي شديدة، ولا تقتصر هذه المعاناة على الألم الشديد الذي يمر به المرضى، فالأعباء المالية وتكاليف العلاج الباهضة أضافت هماً آخر على المرضى.

قصة عبد الرحمن

عبدالرحمن القديمي لم يعد بمقدوره إعالة أبنائه التسعة وأبويه المريضين، فقد انتقل عبدالرحمن منذا أن تم تشخيص حالته بالفشل الكلوي إلى صنعاء منذ عامين تاركاً عائلته وراءه دون عائل.
يقول عبدالرحمن: "أشعر بالمرض والتعب الشديد ولا أستطيع حتى المشى بسبب الألم في ساقي، أتمنى أن يكون بجانبي أحد أبنائي ليهتم بي، ولكن من المستحيل إحضار أحدهم لرعايتي، فأنا أقيم مع أقاربي ولا أستطيع أبداً تحمل تكاليف السكن".


طباعة   البريد الإلكتروني