حسام عبدالنبي (أبوظبي)
تستهدف مجموعة «إمستيل» توسيع محفظتها من المنتجات منخفضة الكربون لتلبية احتياجات السوق المتغيرة، بحسب المهندس سعيد غمران الرميثي، الرئيس التنفيذي لمجموعة «إمستيل».
وكشف الرميثي في تصريحات لـ
«الاتحاد»، عن تنفيذ المجموعة مبادرة لتطوير وإنتاج حلول ذات قيمة مضافة، تشمل إطلاق جيل جديد من قضبان التسليح عالية القوة، ومنتجات متطورة من المقاطع الإنشائية الثقيلة، متوقعاً إقبالاً متزايداً على استخدام الحديد الأخضر المعتمد على الهيدروجين، في مشاريع البناء الكبرى، خلال السنوات الثلاث المقبلة، خصوصاً في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث يشمل ذلك معالم ثقافية، وأبنية حكومية، ومشاريع عقارية عالمية، مع قيام الجهات التي تبنّت هذا التوجه مبكراً مثل «الدار» بدور محوري في دفع هذا التحوّل عبر إثبات الجدوى الفنية والتجارية لهذه الحلول.
وقال المهندس الرميثي، إن الطاقة الإنتاجية المتوقعة لمجموعة «إمستيل» من الحديد منخفض الانبعاثات في المرحلة الأولى من مشروع الهيدروجين الأخضر التجريبي تبلغ 5000 طن سنوياً، لافتاً إلى وجود مناقشات موسعة حالياً لاستكشاف فرص توسيع هذا المشروع التجريبي، نظراً إلى أن الهيدروجين الأخضر يُشكّل ركيزة محورية في استراتيجية المجموعة لتحقيق إزالة الكربون، والوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.
وتابع: رغم تلك الأهمية فإن هناك تحديات تتعلق بالجدوى التجارية، تعود في المقام الأول إلى التكاليف المرتفعة في الوقت الراهن، حيث يعتبر الهيدروجين الأخضر الذي يتم إنتاجه عبر التحليل الكهربائي باستخدام الكهرباء المتجددة أعلى تكلفةً من الهيدروجين المُستخرج من مصادر أحفورية مثل الغاز الطبيعي.
وأشار إلى أنه نظراً للطاقة الكثيفة المطلوبة في عمليات إنتاج الصلب، تُشكّل التكاليف المرتفعة للهيدروجين عائقاً رئيساً أمام الجدوى الاقتصادية لتطبيقه على نطاق واسع، فضلاً عن غياب تسعير فعّال للكربون والحوافز المجدية، والأطر التنظيمية الواضحة، مما يفاقم من صعوبة تحوّل الشركات المنتجة للحديد إلى العمليات القائمة على الهيدروجين، فضلاً عن مساهمة حالة عدم اليقين في السوق في تأجيل اتخاذ قرارات استثمارية رئيسة في هذا الاتجاه، لافتاً إلى أنه رغم هذه التحديات، يزداد الزخم العالمي الداعم لاستخدام الهيدروجين الأخضر في صناعة الحديد.
وأضاف: أسهمت مبادرات مثل «الصفقة الخضراء» للاتحاد الأوروبي، وقانون خفض التضخم في الولايات المتحدة، إلى جانب برامج دعم أخرى على مستوى العالم، في إرساء بيئة أكثر ملاءمة من خلال الإعانات، والإعفاءات الضريبية، ومعايير مخصصة لإنتاج الحديد منخفض الكربون، علاوة على أن الشركات التي تتبنى في وقت مبكر تقنيات الإنتاج القائمة على الهيدروجين، ستتمتع بمكانة تنافسية قوية تمكنها من الاستفادة من الطلب المتنامي على الحديد منخفض الكربون، وخاصة من قبل قطاعات مثل السيارات والإنشاءات، التي تسعى إلى إزالة الكربون من سلاسل التوريد الخاصة بها.
انبعاثات كربونية
وعن انخفاض كثافة انبعاثات الكربون في عمليات «إمستيل» أقل بنسبة 45% من المتوسط العالمي، أفاد الرميثي، بأن «إمستيل» تُعدّ من بين الشركات الأقل من حيث كثافة الانبعاثات الكربونية في صناعة الصلب على مستوى العالم، وذلك بفضل اعتمادها مزيجًا من تقنيات الإنتاج المتقدمة، تشمل الحديد المختزل المباشر القائم على الغاز الطبيعي، وتقنيات احتجاز الكربون، وتدابير كفاءة الطاقة، إلى جانب استخدام مصادر الطاقة المتجددة. وقال إن كثافة الانبعاثات من النطاقين 1 و2 في قطاع إنتاج الحديد في عام 2024، بلغت 0.67 طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل طن من الحديد المنتج، مما يعكس التزام المجموعة المستمر برصد بصمتها الكربونية، والحد منها عبر عملياتها الأساسية. وأضاف أنه في إطار جهود إزالة الكربون، أطلقت المجموعة مشروعها التجريبي للهيدروجين الأخضر، بالتعاون مع «مصدر»، وهو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بقدرة إنتاجية تبلغ 2.1 ميجاوات، وينتج نحو 40 كيلوجراماً من الهيدروجين المُحلل كهربائياً في الساعة، حيث يُستخدم هذا الهيدروجين في عمليات منشأة الحديد المختزل المباشر، مؤكداً أن المشروع يحمل إمكانات واعدة لإحداث تحوّل نوعي، إذ يُتوقع، بعد توسيع نطاقه، أن يحلّ الهيدروجين المتجدد الذي يتم إنتاجه عبر التحليل الكهربائي للماء باستخدام مصادر الطاقة المتجددة محل كميات كبيرة من الغاز الطبيعي، بما يُعزز جهود الشركة الرامية إلى إزالة الكربون.
قيمة مضافة
وفيما يخص إطلاق الشركة برنامجاً استراتيجياً لتعزيز الأصول، باستثمار يقارب 625 مليون درهم، أوضح الرميثي أن الاستثمارات بتطوير منتجات مستدامة يساعد على خفض التكاليف التشغيلية للعملاء، وتقليص البصمة الكربونية من خلال تقليل الكميات المستخدمة من الحديد في المشاريع، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن إنتاج الحديد منخفض الكربون باستخدام الهيدروجين الأخضر يعد أكثر تكلفةً من نظيره الذي يتم إنتاجه باستخدام الهيدروجين الأحفوري، ولكن من المتوقع أن تتقلّص هذه الفجوة تدريجياً مع مرور الوقت، خاصةً مع تبني سياسات تسعير الكربون، وتزايد الطلب على المواد منخفضة الانبعاثات، الأمر الذي من شأنه أن يُخفض تكلفة التقنيات والمعدات، ويُعزز القدرة التنافسية الشاملة للحديد منخفض الكربون في قطاع البناء.
مصادر مستدامة
وذكر الرميثي، أن «إمستيل» تعتمد في الوقت الراهن على مصادر نظيفة لتلبية 86% من احتياجاتها من الكهرباء، وتواصل التزامها الراسخ بالوصول إلى تغطية كاملة بالطاقة النظيفة بنسبة 100% بحلول عام 2030، مشيراً إلى أنه انسجاماً مع استراتيجية الشركة لتسريع التحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة عبر جميع عملياتها، تمضي «إمستيل» قدماً في تقليل بصمتها الكربونية، وتوسيع نطاق اعتمادها على الطاقة المتجددة، من خلال مبادرات استراتيجية من أبرزها، شراء شهادات الطاقة النظيفة من شركة الإمارات للمياه والكهرباء، منوهاً بأن المجموعة تستثمر في شراكات استراتيجية مع جهات رائدة في قطاع الطاقة المتجددة، مثل شركة «مصدر»، و«يلو دور إنرجي»، دعماً لمساعيها نحو تبني نموذج طاقة مستدام بالكامل، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.