الإمارات و«بريكس».. شراكة اقتصادية فعالة وعلاقات تجارية مثمرة

الإمارات
الاتحاد الاماراتية

رشا طبيلة (أبوظبي)

تسهم الإمارات بدور فاعل واستراتيجي في التكتلات الدولية، لاسيما الاقتصادية، ما يعزز من مكانتها الدولية فيما يتعلق بالمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والانخراط في الشراكات التنموية، مع

البُلدان صاحبة الخبرات والتجارب الاقتصادية المتميزة، فضلا عن إطلاق المبادرات المبتكرة التي تلقى اهتماماً عالمياً كبيراً بالقطاعات الاقتصادية المختلفة مثل القطاع المالي والطاقة والاستدامة والصناعة والتكنولوجيا والزراعة.
ويؤكد انضمام الإمارات إلى مجموعة «بريكس» وبدء عضويتها منذ يناير العام الماضي، مكانة الدولة ورؤيتها التي ترتكز على الشراكات في مختلف القطاعات الحيوية، حيث تعد الإمارات شريكاً اقتصادياً مع الكثير من الدول في جميع قارات العالم.
وتُعد الإمارات من بين أهم الشركاء التجاريين لدول مجموعة «بريكس»، التي تأسست عام 2009 بعضوية البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بينهما نحو 93.2 مليار دولار سنوياً، أو ما يتجاوز %20 من قيمة التجارة غير النفطية للدولة.
ويمثل تكتل «بريكس» %42 من سكان المعمورة، ويسهم في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يتراوح ما بين %25 و%29.
ومع توسع مجموعة «بريكس» منذ مطلع يناير من العام الماضي، بانضمام الإمارات ومصر والسعودية وإثيوبيا وإيران، تمثل المجموعة نحو %45 من سكان العالم، و%25 من الحجم الكلي للصادرات العالمية، ويشكل الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء مجتمعة نحو %29 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتستحوذ على أكثر من %16 من حجم التجارة العالمية، وتمتد أراضي دولها على %40 من مساحة الكرة الأرضية.

عضوية الإمارات
وبدأت عضوية دولة الإمارات في «بريكس» اعتباراً من مطلع يناير 2024، بعدما صادقت الدول الخمس المؤسسة للمجموعة الدولية «البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا» على انضمامها خلال فعاليات قمة المجموعة الـ 15 التي عُقدت بمدينة جوهانسبرغ الجنوب أفريقية خلال الفترة ما بين يومي 22 و24 أغسطس 2023.
وانضمت الإمارات في أكتوبر 2021 إلى بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة «بريكس» الذي تأسس في 2015 برأسمال قدره 100 مليار دولار، بهدف حشد الموارد لإقامة مشروعاتٍ للبنية التحتية والتنمية المستدامة في الدول النامية والناشئة ودول المجموعة، وهو ما جعل مراقبين ومحللين يعتبرون الإمارات شريكاً طويل الأمد للمجموعة الدولية. وللإمارات استثمارات متنوعة في دول «بريكس» في مجالات عدة، من بينها البنية التحتية والأمن الغذائي والطاقة النظيفة والنقل والصناعة، فضلاً عن إبرامها في فبراير 2022، اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع الهند، العضو البارز في التحالف، جنباً إلى جنب مع توطيدها أواصر التعاون الاقتصادي مع الأعضاء الآخرين، وتم وصف الإمارات قبل انضمامها لـ«بريكس»، بأنها «شريك طويل الأمد» لذلك التجمع الواعد، الذي بات أحد أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم إن لم يكن أكبرها.

آفاق اقتصادية
وتضم مجموعة «بريكس» حالياً 11 عضواً يمثلون مجموعة من أهم الدول ذات الآفاق الاقتصادية الواعدة حول العالم، هي، الإمارات، وروسيا الاتحادية، والبرازيل، والصين، والهند، وجنوب أفريقيا، ومصر، والسعودية، وإثيوبيا، وإيران، وإندونيسيا، التي انضمت منذ بداية العام الجاري.
وتعمل دولة الإمارات بصفتها عضواً في «بريكس» على توطيد التعاون الاقتصادي والشراكات مع الدول الأعضاء، بما يعزز دور الدولة كمركز عالمي رئيسي وشريك متعدد الأطراف.

علاقات استراتيجية
ويعد الانضمام إلى «بريكس» جزءاً من أولويات دولة الإمارات في التركيز على الازدهار الاقتصادي والحفاظ على علاقات استراتيجية واقتصادية متوازنة بما في ذلك مع المنظمات الدولية، في نظام عالمي دائم التطور، وترتبط الإمارات بعلاقات متنامية مع مجموعة دول «بريكس» في ظل تطور أوجه التعاون بينهما في شتى المجالات، ما يُبشر بآفاق واعدة للشراكة الشاملة خلال المرحلة المقبلة بشكل يخدم أولويات التنمية والازدهار لدى الجانبين، مدفوعة بحرص القيادة الرشيدة على تعزيز مجالات التعاون الدولي مع مختلف المجموعات والتكتلات العالمية من أجل تحقيق مستقبل مستدام لجميع شعوب العالم.
وتأتي أهمية عضوية الإمارات في «بريكس» تماشياً مع رؤيتها في التركيز على الاقتصاد الجديد والابتكار، حيث ينعكس ذلك على جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية للدولة، لأن دول المجموعة تشكل مصدراً مهماً للاستثمار الخارجي المباشر، لاسيما أن من بين أعضائها الصين، وهي أحد أكبر الاقتصادات على مستوى العالم، إلى جانب الهند التي تعد أول دولة وقعت الإمارات معها شراكة اقتصادية شاملة ضمن برنامج الشراكات الاقتصادية الشاملة، إلى جانب روسيا.
ومن بين القطاعات التي تمثل دول «بريكس» مصدراً حيوياً للاستثمارات الأجنبية المباشرة فيها، التعدين والنقل والخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات والطاقة النظيفة وصناعة السيارات، ما يخلق مزيداً من فرص العمل، ويعزز التجارة والاستثمارات المتبادلة بين الدول الأعضاء.

المسار المالي
استضافت دولة الإمارات في مايو الماضي، ممثلة بوزارة المالية، أول فعالية لمجموعة بريكس تُقام في الدولة، من خلال اجتماع مجموعة عمل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ضمن المسار المالي لمجموعة بريكس. حيث حضر الاجتماع نخبة من كبار المسؤولين الحكوميين والخبراء الدوليين وممثلي المؤسسات المالية العالمية والقطاع الخاص.
وفي 22 من يونيو الماضي، شاركت دولة الإمارات ممثلة بالمركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء في الاجتماع السابع عشر لرؤساء الأجهزة الإحصائية الوطنية لدول مجموعة البريكس، الذي عُقد في مدينة فورتاليزا في البرازيل، بمشاركة وفود رفيعة المستوى، ضمن أعمال منتدى الجنوب العالمي الثلاثي لحوكمة الدول النامية.
وناقش الاجتماع موضوعات حيوية ركزت على تعزيز التعاون الإحصائي بين دول «بريكس»، شملت إنتاج مؤشرات العصر الرقمي، وتبادل الخبرات الوطنية في مجالات التنمية الاقتصادية، والحد من الفقر، وتخفيف آثار التغير المناخي، والتدريب الإحصائي الدولي، والنشر المشترك لدول بريكس والمجلة الإحصائية المشتركة، لترسيخ أُطُر التعاون الإحصائي، تمهيداً لمزيد من التكامل في إنتاج البيانات ودعم السياسات التنموية لدول المجموعة.

قطاع الطاقة
وفي 20 من مايو الماضي، شاركت الدولة في اجتماع وزراء الطاقة لدول مجموعة «بريكس» الذي عُقد في العاصمة البرازيلية برازيليا برئاسة البرازيل، وذلك بهدف تعزيز التعاون المشترك بين الدول الأعضاء في دعم تحول قطاع الطاقة واستدامته وأمنه، وتم دعوة دول وشركاء «بريكس» للانضمام إلى «تحالف كفاءة الطاقة العالمي» الذي أطلقته دولة الإمارات بهدف تحقيق تحسين جذري في كفاءة استهلاك الطاقة في مختلف القطاعات، بما في ذلك المباني النقل، والصناعة، والعمل على مضاعفة معدلات كفاءة الطاقة سنوياً بحلول عام 2030، بما يتماشى مع «اتفاق الإمارات» التاريخي الذي أُعلن خلال مؤتمر الأطراف COP28. ويهدف التحالف أيضاً إلى تعزيز تبادل المعرفة ودعم بناء القدرات المشتركة.
وفي مايو الماضي أيضا، شاركت دولة الإمارات في اجتماع وزراء السياحة لدول مجموعة «بريكس»، الذي عُقد في العاصمة البرازيلية برازيليا، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز التعاون الدولي في دعم التنمية السياحية المستدامة، وتبادل أفضل الممارسات العالمية في قطاع السياحة، باعتباره أحد أهم القطاعات الاقتصادية الحيوية في الدولة، وفي نفس الشهر، شاركت دولة الإمارات، ممثلةً بوزارة الاقتصاد، في الاجتماع الخامس عشر لوزراء تجارة دول البريكس، الذي عُقد في العاصمة البرازيلية، برازيليا.

التعاون الدولي
في مارس الماضي، أكدت دولة الإمارات، خلال مشاركة وزارة الطاقة والبنية التحتية في الاجتماع الثاني للجنة كبار المسؤولين في مجال الطاقة لدول مجموعة بريكس الذي عُقد في العاصمة البرازيلية «برازيليا»، التزامها بمواصلة جهودها في دعم التحول العالمي للطاقة، وتعزيز التعاون الدولي لتحقيق الأمن في قطاع الطاقة، بما يرسخ مكانتها كشريك استراتيجي موثوق على الساحة العالمية في هذا المجال الحيوي، وناقش الاجتماع سبل تحقيق التوازن بين أمن الطاقة والتنمية المستدامة، وتعزيز التحول نحو مستقبل منخفض الانبعاثات الكربونية، وتم تسليط الضوء على الدور الريادي لدولة الإمارات في ضمان أمن إمدادات الطاقة العالمي، ومكانتها المتقدمة في مجالات تحول الطاقة، والهيدروجين ومشتقاته.

اجتماع تحضيري
في أبريل الماضي، ترأس سعيد مبارك الهاجري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية وشيربا دولة الإمارات لمجموعة بريكس، وفد الدولة المشارك في اجتماع الشيربا الثاني لمجموعة بريكس ي مدينة ريو دي جانيرو - البرازيل.
وتم عقد الاجتماع تحضيراً لاجتماع وزراء خارجية مجموعة بريكس، الذي عقد يومي 28 و29 أبريل 2025، وشارك أعضاء المجموعة خلال الاجتماع في المناقشات لصياغة بيان وزراء الخارجية، وتم خلاله الاتفاق على أوجه التعاون بين دول المجموعة. وتم التأكيد على أهمية التوصل إلى نتائج اقتصادية ملموسة تنعكس بشكل إيجابي على اقتصادات دول المجموعة.

أخبار ذات صلة
طباعة