مجموعة هائل سعيد أنعم: نموذج للاستمرارية الاقتصادية في بيئة مضطربة

مجموعة هائل سعيد أنعم: نموذج للاستمرارية الاقتصادية في بيئة مضطربة

محررو الاستثمار

بقلم:عبدالناصر عبدالملك الشيباني
يعيش الاقتصاد اليمني منذ سنوات في ظل بيئة غير مستقرة، تتسم بتقلبات حادة في السياسات المالية والنقدية، وتحديات لوجستية متفاقمة، وانهيار كبير في البنية التحتية ومؤسسات الدولة. ورغم ذلك، تبرز بعض الكيانات الاقتصادية التي استطاعت الصمود، بل والمساهمة في الحفاظ على الحد الأدنى من توازن السوق المحلي، ومن أبرزها مجموعة هائل سعيد أنعم.
بعيدًا عن التجاذبات، فإن قراءة تجربة هذه المجموعة من منظور اقتصادي تبرز عددًا من المؤشرات المهمة: فهي مؤسسة عائلية ذات طابع صناعي وتجاري متنوع، تمتلك شبكة علاقات إنتاج واستيراد وتوزيع، وتغطي أنشطتها عدة قطاعات حيوية مثل الغذاء، الدواء، التصنيع، والنقل، مما يجعلها طرفًا أساسيًا في معادلة الأمن الاقتصادي.
خلال السنوات الماضية، كانت مجموعة هائل سعيد أنعم أحد أبرز المصادر التي ساعدت على ضمان تدفق السلع الأساسية إلى السوق اليمنية، في الوقت الذي تراجعت فيه كثير من الشركات الوطنية والدولية. يعود ذلك إلى مرونة نموذجها التشغيلي، وتنوع مصادر التوريد، وكفاءة الإدارة في التعامل مع المتغيرات. هذه العوامل مجتمعة مكّنتها من التكيف مع تقلبات العملة، وارتفاع تكاليف الشحن، والقيود المفروضة على التحويلات الخارجية.
إن اختزال ما تقوم به المجموعة في عناوين سطحية يفتقر إلى فهم الواقع الاقتصادي المعقّد في البلاد. فالمسؤولية عن استقرار السوق، وضبط الأسعار، وتوفير النقد الأجنبي، لا تقع على كاهل شركة أو مجموعة بعينها، بل هي مسؤولية دولة بمؤسساتها وأدواتها المالية. إن محاولة تحميل القطاع الخاص – أياً كان حجمه – عبء الإخفاقات الاقتصادية العامة، هو نوع من التهرب من المسؤولية وليس إصلاحًا حقيقيًا.
كما أن أي تغييرات مفاجئة في سعر الصرف، لا يمكن فصلها عن سياسات البنك المركزي، وأداء السوق المصرفية، والتدخلات الرسمية، وكلها عوامل تلعب دورًا مباشرًا في خلق اختلالات هيكلية في السوق، لا يمكن تصحيحها عبر إجراءات جزئية أو قرارات طارئة.
الواقع يشير إلى أن مجموعة هائل سعيد أنعم، وغيرها من المؤسسات الوطنية، تتحمّل كلفة مزدوجة: كلفة استمرار النشاط التشغيلي في بيئة طاردة، وكلفة المحافظة على التزاماتها تجاه الأسواق والعاملين والموردين، في ظل فجوة واضحة في الدور الحكومي الرقابي والداعم.
الاقتصاد لا يقوم على المنافسة فقط، بل أيضًا على الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وإذا ما أردنا بناء بيئة اقتصادية مستقرة، فإن أول خطوة تبدأ بالاعتراف بدور القطاع الخاص كركيزة تنموية، وليس كخصم أو جهة تُحمّل تبعات ما هو خارج إرادته.
مجموعة هائل سعيد أنعم ليست كيانًا معصومًا من النقد، لكنها في ذات الوقت، نموذج لاقتصاد ممكن، يقوم على الإنتاج، والانضباط، والقدرة على التكيف. والنقد البنّاء لأي مؤسسة يجب أن يكون في إطار تقييم الأداء، لا عبر التشهير أو التسييس.
وفي لحظة مفصلية كهذه، تبدو الحاجة ماسّة إلى خطاب اقتصادي عاقل، يُفرّق بين المشكلات البنيوية التي تحتاج إلى إصلاح شامل، وبين استهداف مكونات ناجحة فقط لأنها بقيت واقفة في وجه الانهيار.

#هائل_سعيد_انعم_نموذج_اقتصادي

 

طباعة