محررو الإستثمار
عمال اليمن، ثروتنا المهدورة والمقهورة!
محمد عبدالله الصريمي
في ظل الأزمات والظروف الصعبة وفقدان مئات الآلاف لوظائفهم؛ وبمناسبة يوم العمال العالمي الموافق الأول من مايو، يبدو أنه ينبغي علينا التذكير بماهية هذا المصطلح الذي تغيّر وتبدل حتى أصبح أقرب إلى معاني العبودية، ثم تجاوز ذلك حتى فقد معناه في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها العمال نتيجة الأزمات والصراعات.
العمل هو أهم محور للحياة البشرية، فلا يمكن أن نحيا بدون الاجتهاد والسعي، فمنذ أن وُجِدنا على وجه الأرض ونحن نعمل من أجل أن نحيا ونؤمِّن قوْتنا ونلبي احتياجات أُسَرنا.
ولأهمية العمل ودوره في المجتمعات فقد خصّصت منظمة الأمم المتحدة يومًا خاصًا من كل عام ليكون يومًا عالميًا للعمال، يتم فيه التذكير بجهودهم وإنجازاتهم وتقديرها، والاحتفال بأدوارهم المهمة في حياة المجتمعات، وفيه يحظى عمال العالم كذلك بإجازة رسمية، ليحتفلوا بعيدهم، ويحظوا بالتقدير الذي يستحقونه من دولهم وأرباب أعمالهم.
ومن المميز أنه يُنظر إلى العمل كفريضة علينا، فريضة دينية واجتماعية وإنسانية، ويصل إلى مستوى العبادة، حيث يأمرنا ديننا على أدائه وإتقانه والإخلاص فيه، وإعطاء العامل أجره المناسب بعد الانتهاء من عمله، والعدل والمساواة في العمل بين الرجل والمرأة.
بالرغم من أن سياسات وقوانين العمال اليمنية لا ترقى لحجم المستجدات والمتغيرات والأزمات التي واجهها العامل اليمني بشكل خاص والوطن بشكل عام، فما بعد الحرب والعدوان الخارجي على اليمن والنزاعات الداخلية، وانقطاع الرواتب، وتضرر الدخل القومي وهو ما أظهر ضعف وهشاشة الاقتصاد اليمني في ظل غياب الحماية الاجتماعية- فإن العامل اليمني مذهل بإنسانيته، وقدرته على التكيف وابتكار الوسائل المبدعة للتأقلم في الظروف الصعبة وصناعة المستقبل المجهول.
ومع ارتفاع نسب البطالة ومعدلات الفقر، إلا أنه يصنع من المستحيل فرصة للحياة، فيبادر بما هو متاح ويكافح لإيجاد فرصة عمل ما بين الشح والاستغلال، يعتصر الألم ويتحمل الصعاب ليجد ما يعيل به أسرته، رافضًا الاستسلام للوضع الاقتصادي الذي أوصلتنا إليه الحروب والنزاعات.
ورأيي فإن هذا الوضع يستدعي تقييم واقع سوق العمل وأنظمته، والسعي لوضع خطة واقعية قابلة للتطبيق والنهوض بالعمال، وضمان حمايتهم، وخصوصًا الفئات الهشة منهم كالنساء وذوي الإعاقة والشباب من خريجي الجامعات والمستجدين على سوق العمل. وهذه مسؤولية مشتركة بين كل الأطراف والشركاء في سوق العمل، وجزء كبير منها يقع على أرباب الأعمال ودورهم في تعزيز الحوار المجتمعي، وتطوير برامج وسياسات تحقّق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وذلك ضمن خطوات عملية وفعالة تساعد على استقرار علاقات العمل وتوازنها، وحماية مصالح وحقوق العمال الذين يشكلون قوة إنتاجية ومصدرًا لدعم الاقتصاد باعتبارهم ثروة بشرية لا تقل أهمية عن الثروات الطبيعية.
فلنتحمل جميعًا المسؤولية، ولنتشارك ونتعاون لحماية الإنسان العامل بهدف الارتقاء به وحماية حقوقه وتوفير العمل اللائق والكريم، ذلك الذي يعزّز قيمته كإنسان له من الحقوق كما عليه من الواجبات. فما زال الأمل قائمًا، ويمكننا التعاون في دعمهم وتعزيز صمودهم إن وُجِدَت النيّة الصادقة، وذلك بالاستفادة من قدراتهم والاستثمار الأمثل للعنصر البشري، فهو أغلى ما نملك في مجتمعنا اليمني.