بقلم: د. عبدالسلام حميد- وزير النقل
ليس خافيًا على أحد الأهمية الاستراتيجية الكبيرة التي تمثلها الموانئ البحرية، إلى جانب المنافذ البرية والجوية، بالنسبة للدول، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الأمني أو الوطني، إذ إنها تعد الحلقة الأبرز التي تربط البلد بالعالم الخارجي، كما تمثل أحد أهم مصادر وروافد الدخل القومي للبلد، وذلك لما تحققه من موارد مالية كبيرة بالعملة الصعبة.
ونحن في اليمن حبانا الله شريطًا ساحليًا طويلًا يتجاوز 2000كم، وموقعًا استراتيجيًا متفردًا يعد من أهم المواقع والممرات المائية العالمية، الأمر الذي ضاعف من الأهمية والمكانة الاستراتيجية التي تمثلها الموانئ اليمنية الموزعة على امتداد الشريط الساحلي، وجعلها محط اهتمام الملاحة العالمية، والتي نثق أنها لو استغلت بالشكل الأمثل لتحولت إلى أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني.
لكن ما يؤسف له أن الحرب والظروف الاستثنائية التي مرت وتمر بها البلاد، وما أفرزته من أزمات وتحديات وأخطار سياسية واقتصادية وأمنية انعكست سلبيًا على نشاط الموانئ اليمنية، وأدت إلى توقف وتعطيل العديد منها، إلى جانب انحسار وتراجع النشاط التجاري في الموانئ الأخرى، وفي مقدمتها ميناء عدن الاستراتيجي، الأمر الذي فاقم من المشكلات والعراقيل التي تواجهها الحكومة الشرعية، ومثل حجر عثرة أمام أنشطتها.
وعلى الرغم من ذلك كله، واستشعارًا منا لمسؤولياتنا ومهامنا وأدوارنا في وزارة النقل، حرصنا منذ اليوم الأول لتسلمنا مهام الوزارة، على مواجهة تلك التحديات، ومحاولة التغلب عليها بشتى الطرق والوسائل، من خلال اتخاذ سلسلة من الإجراءات والخطوات الآنية والعاجلة، بدءًا بدراسة وتقييم أوضاع تلك الموانئ، والمشكلات والعراقيل التي تواجهها، وتحديد الاحتياجات اللازمة لها، مرورًا بمعالجة المشكلات ذات الأولوية وفق الإمكانات المتاحة، وبما يسهم في إعادة تشغيلها واستعادة نشاطها والارتقاء بمستوى خدماتها الملاحية وزيادة قدراتها وكفاءتها في استقبال السلع والخدمات بكل يسر وسهولة.
ونود هنا التأكيد على أن الوازرة تعكف حاليًا على معالجة بقية الإشكالات، لاسيما تلك التي تم الرفع بها من قيادة مؤسسة موانئ خليج عدن والقطاعات التابعة لها، والمتضمنة ارتفاع تكاليف التأمين والشحن للبواخر القادمة من الخارج، وإيجارات النقل، بما يمكن من دعم وتحسين أوضاع الموانئ، وعلى رأسها ميناء عدن، بالإضافة إلى دراسة إمكانية الاستفادة من المشاريع المقدمة من الجهات المانحة في دعم الخطط التوسعية والاستثمارية التي تحتاجها قطاعات الموانئ لاستعادة نشاط الموانئ ومضاعفة إيراداتها.
كما أننا في وزارة النقل نعمل جاهدين على تقليص تكلفة التأمين لدى الشركات التأمينية العالمية، والتواصل والتنسيق مع الأشقاء في التحالف العربي بشأن نقل عملية التفتيش إلى الموانئ اليمنية في المناطق المحررة مباشرة دون ذهابها إلى مدينة جدة السعودية، بجانب عملنا على معالجة الاختلالات المالية والفنية في مختلف الموانئ، وتفعيل الرقابة والمتابعة للجوانب الإدارية، ووضع خطة عمل واضحة المعالم للمعالجة بشفافية، بما يسهم في الارتقاء بمستوى الأداء العام لنشاط الموانئ ورفع كفاءتها وتجاوز العراقيل خلال الفترات السابقة.
ونبشر إخواننا المواطنين في ربوع اليمن بأن الحكومة الشرعية تولي اهتمامًا كبيرًا بقطاع الموانئ، وأن مسألة الارتقاء بأدائها وخدماتها في صدارة أولوياتها وخططها لارتباطها الوثيق بعملية التعافي والانتعاش الاقتصادي الذي تعكف الحكومة على معالجته، ما يعني أن قطاع الموانئ، بل النقل عمومًا، سيشهد خلال المرحلة القادمة تطورات وإنجازات كبيرة، الأمر الذي سينعكس إيجابيًا على حياة المواطنين، لاسيما ما يتعلق بتخفيض أسعار السلع والخدمات.. ولا ننسى هنا أن نثمن عاليًا الجهود الملحوظة التي بذلها ولايزال يبذلها العاملون في الموانئ اليمنية المختلفة، وفي مؤسسة موانئ خليج عدن خصوصًا، للحفاظ على استمرار عمل الموانئ خلال المرحلة العصيبة الماضية، والتغلب على الصعاب التي واجهتهم، إلى جانب نشاطهم وتفانيهم في أداء الواجبات الملقاة على عاتقهم بكل كفاءة واقتدار.. ونشدد على الجميع بضرورة مضاعفة جهودهم خلال المراحل المقبلة، وتسخير أوقاتهم وأفكارهم للارتقاء بمستوى أداء ونشاط جميع الموانئ، وبما يمكنها من مواكبة النشاط الملاحي في المنطقة والعالم بشكل عام.
ختامًا، نوجه تحية شكر وتقدير للإخوة القائمين على مجلة «الاستثمار»، لما يبذلونه من جهود في مواصلة إصدار هذه المجلة النوعية، ومواكبة النشاط الاقتصادي والاستثماري الذي تشهده البلاد بشكل عام، وعدن بشكل خاص، إلى جانب حرصهم على تغطية كافة الأنشطة الاقتصادية، وتحريك الجمود والركود الذي يشهده مجال الاقتصاد والاستثمار في اليمن عامة.. متمنين لهم التوفيق والسداد في أعمالهم وأنشطتهم القادمة.
مجلة الاستثمار العدد (59) نوفمبر 2021